في أواخر القرن التاسع عشر، وتحديداً في عام 1870م، ولد سلامة المعايطة في قرية أدر القريبة من قصبة الكرك، وقد كانت ولادته في بيت والده الشيخ يوسف المعايطة، المعتمد من قبل الباب العالي شيخ مشايخ عشائر المعايطة وأحلافهم، لما يتمتع به من مكانة اجتماعية وإدارية، لما له من نفوذ عشائري ناج عن ما عرف عنه من عمل صالح، وحسن خلق، القائم على شأن الناس، بحسن تصرفه ورجاحة عقله، وعدله بين المتخاصمين، فقام بواجبه على خير وجه، ونهض مع زعماء الكرك بواجهة الأحداث التي ألمت بالبلاد، خاصة في مواجهات ثورة الكرك (الهية) عام 1910م، عندما واجه رجال العشائر الشجعان العزل، طوابير عسكر الأتراك المدعمة بالمدافع، ليسجلوا بذلك أروع صور البطولة الخالدة، التي مازال صداها تردد في الذاكرة حتى اللحظة، حيث تحفظ كهوف أودية الكرك رفات عدد كبير من شهداء هذه الثورة، التي تعد الشرارة الأولى ليقظة العرب التي تكللت بإعلان الثورة العربية الكبرى الحاسمة.
عمل يوسف المعايطة على تربية أبنه سلامة، تربية خاصة تؤهله لحمل أعباء المرحلة القادمة، وهي تربية لا تخلو من قسوة غير مفرطة، ليقود رجال العشيرة فيما بعد، فالتحق بالكتاب لتعلم القراءة والكتابة والحساب، وحفظ أجزاء من القرآن الكريم، وكانت هذه الكتاتيب معوضناً عن غياب المدارس الرسمية النادرة في تلك الفترة، فتلقى معارفه الأساسية على يد عدد من رجال الدين في المنطقة، بعد ذلك انخرط في المدرسة الأوسع وهي الحياة العامة المتاحة من خلال ملازمة والده الشيخ يوسف في مضافته، وفي تنقلاته لحل مشاكل أبناء العشيرة، أو المساهمة في التعاضد مع زعماء المنطقة، لمواجهة المصاعب والأحداث التي تواجهها البلاد، فالعشيرة مؤسسة اجتماعية، ومنظومة إدارية للحكم الذاتي، في ظل ضعف الدولة التركية وتخليها عن دورها في خدمة أبناء الأطراف والعشائر، لذا فشيخ العشيرة هو بمثابة الحاكم المحلي فاعل، ضمن عمل تطوعي يأتي باعتباره وجاباً اجتماعياً يرثه الابن عن أبيه أو عمه، وفي ظروف معينة تتوافق العشيرة على اختيار شيخها، وهو نظام اجتماعي مازال حاضر في البلاد حتى يومنا هذا.
في العام 1918م، والثورة العربية تتقدم شمالاً مكللة مسيرتها بانتصارات متلاحقة، توفي الشيخ يوسف المعايطة، وتسلم زعامة العشيرة بعده أبنه سلامة، الذي تدرب جيداً على هذه المهام الصعبة، فكان له دور في دعم الثورة العربية مع زعماء العشائر الأردنية، وقد استبشرت المنطقة خيراً بقيام الحكم العربي بقيادة الملك فيصل بن الحسين في دمشق، لكن المؤامرة الغربية أضاعت الحلم العربي الذي ثاروا وضحوا من أجله، وعاشت المنطقة حالة من الفراغ الإداري والسياسي، فتنادى أبنائها إلى تشكيل حكومات محلية لتسيير شؤونهم، فنشأ في الكرك حكومة محلية أنتخب سلامة المعايطة عضواً فيها، وكانت هذه الحكومة برئاسة رفيفان الجالي، وقد كانت هذه الحكومة للكرك والطفيلة وضمت أعضاء من المدينتين.
كان سلامة المعايطة من بين زعماء العشائر ووجهاء الأردن الذين توافدوا للمشاركة في استقبال الأمير عبدالله بن الحسين الذي وصل إلى معان، مستجيباً لدعوات رجالات المنطقة، لملء الفراغ السياسي وتأسيس حكومة مركزية تنضوي تحتها الحكومات المحلية، وبعد قيام الأمارة وعاصمتها عمان الفتية، عمل سلامة على استضافة أمير الأردن، عند زيارته إلى الكرك، من أجل قراءة الفاتحة، على أرواح قادة معركة مؤتة الشهداء، فحل ضيفاً على سلامة المعايطة الذي نظم استقبالاً كبير لسمو الأمير وحاشيته، ومن ذلك الحين جمعت صداقة بينهما، أساسها الاحترام والتقدير، فبعد ذلك أصبح بيت سلامة مكان إقامة الأمير كلما زار الكرك، وكان ينادي سلامة بالمصلح، بالإشارة إلى جهود الشيخ في التصدي للقضايا الكبيرة وإصلاح ذات البيت.(بحث ناصر المعايطة)
لم يكن العمل العشائري والدور الاجتماعي، الذي قام به الشيخ سلامة، يمنعه من القيام بكل ما من شأنه المساهمة في خدمة أهله والارتقاء بالمكان، فلقد أنتخب عام 1909م عضواً في مجلس بلدية الكرك، وقد منحته هذه المهمة خبرة كبيرة، وجعلته على صلة أكبر بأهل الكرك ضمن النطاق الأوسع، وهي خبرة وظفها عملياً عندما خدم في الحكومة المحلية، ولعل هذه المهام المبكرة مكنته من صقل تجاربه، ومساعدته بالإضافة لتربيته العملية على تحمل أعباء المرحلة المقبلة، عندما توفي والده وكان عليه التقدم للقيادة وتحمل المسؤولية، فكان على قدر الثقة، محباً ومحبوباً، نذر نفسه للخدمة العامة دون التفكير بالمقابل.
كان حضور سلامة المعايطة قوياً وفاعلاً على الساحة الوطنية، وفي الكرك ونواحيها بشكل خاص، وكان مقدراً داخل منطقته وخارجها، وكانت له مكانة خاصة لدى الأمير عبدالله ، حتى أنعم عليه بعد تأسيس الأمارة بلقب أمير لواء فخري عام 1921م، تقديراً لجهوده المتواصلة، ومكانته الطيبة بين أهله ونظرائه شيوخ العشائر الأردنية، وجاء هذا التكريم في مفتتح عهد الدولة الأردنية الحديثة، مقدماً دلالاته الخاصة والتي تؤشر على جهود رجل لم يسعى إلى الزعامة أو الشهرة، إنما وصل إليها من خلال إرث عبر سنوات طويلة، وعمل للخير ومن أجل مساعدة كل محتاج، حاله حال رجالات هذا البلد من الرعيل الأول ومن جاء بعده، وهو دأب الأردنيين منذ فجر النهضة العربية الحديثة.
بعد مسيرة طويلة من العمل، توفي الشيخ سلامة المعايطة عام 1944م، تاركاً طيب الأثر، محبة انغرست في قلوب الناس وذاكرتهم، مخلفاً ثمانية أبناء علمهم حب العمل والانتماء، فانخرط جلهم في العمل العام والقوات المسلحة الأردنية، فكان رجلاً يشار له بالبنان أثناء حياته، وتحفظه الذاكرة الوطنية بعد وفاته، فهذا الوطن العزيز بني بتراكم الجهود وبالمحبة الخالصة.
عمل يوسف المعايطة على تربية أبنه سلامة، تربية خاصة تؤهله لحمل أعباء المرحلة القادمة، وهي تربية لا تخلو من قسوة غير مفرطة، ليقود رجال العشيرة فيما بعد، فالتحق بالكتاب لتعلم القراءة والكتابة والحساب، وحفظ أجزاء من القرآن الكريم، وكانت هذه الكتاتيب معوضناً عن غياب المدارس الرسمية النادرة في تلك الفترة، فتلقى معارفه الأساسية على يد عدد من رجال الدين في المنطقة، بعد ذلك انخرط في المدرسة الأوسع وهي الحياة العامة المتاحة من خلال ملازمة والده الشيخ يوسف في مضافته، وفي تنقلاته لحل مشاكل أبناء العشيرة، أو المساهمة في التعاضد مع زعماء المنطقة، لمواجهة المصاعب والأحداث التي تواجهها البلاد، فالعشيرة مؤسسة اجتماعية، ومنظومة إدارية للحكم الذاتي، في ظل ضعف الدولة التركية وتخليها عن دورها في خدمة أبناء الأطراف والعشائر، لذا فشيخ العشيرة هو بمثابة الحاكم المحلي فاعل، ضمن عمل تطوعي يأتي باعتباره وجاباً اجتماعياً يرثه الابن عن أبيه أو عمه، وفي ظروف معينة تتوافق العشيرة على اختيار شيخها، وهو نظام اجتماعي مازال حاضر في البلاد حتى يومنا هذا.
في العام 1918م، والثورة العربية تتقدم شمالاً مكللة مسيرتها بانتصارات متلاحقة، توفي الشيخ يوسف المعايطة، وتسلم زعامة العشيرة بعده أبنه سلامة، الذي تدرب جيداً على هذه المهام الصعبة، فكان له دور في دعم الثورة العربية مع زعماء العشائر الأردنية، وقد استبشرت المنطقة خيراً بقيام الحكم العربي بقيادة الملك فيصل بن الحسين في دمشق، لكن المؤامرة الغربية أضاعت الحلم العربي الذي ثاروا وضحوا من أجله، وعاشت المنطقة حالة من الفراغ الإداري والسياسي، فتنادى أبنائها إلى تشكيل حكومات محلية لتسيير شؤونهم، فنشأ في الكرك حكومة محلية أنتخب سلامة المعايطة عضواً فيها، وكانت هذه الحكومة برئاسة رفيفان الجالي، وقد كانت هذه الحكومة للكرك والطفيلة وضمت أعضاء من المدينتين.
كان سلامة المعايطة من بين زعماء العشائر ووجهاء الأردن الذين توافدوا للمشاركة في استقبال الأمير عبدالله بن الحسين الذي وصل إلى معان، مستجيباً لدعوات رجالات المنطقة، لملء الفراغ السياسي وتأسيس حكومة مركزية تنضوي تحتها الحكومات المحلية، وبعد قيام الأمارة وعاصمتها عمان الفتية، عمل سلامة على استضافة أمير الأردن، عند زيارته إلى الكرك، من أجل قراءة الفاتحة، على أرواح قادة معركة مؤتة الشهداء، فحل ضيفاً على سلامة المعايطة الذي نظم استقبالاً كبير لسمو الأمير وحاشيته، ومن ذلك الحين جمعت صداقة بينهما، أساسها الاحترام والتقدير، فبعد ذلك أصبح بيت سلامة مكان إقامة الأمير كلما زار الكرك، وكان ينادي سلامة بالمصلح، بالإشارة إلى جهود الشيخ في التصدي للقضايا الكبيرة وإصلاح ذات البيت.(بحث ناصر المعايطة)
لم يكن العمل العشائري والدور الاجتماعي، الذي قام به الشيخ سلامة، يمنعه من القيام بكل ما من شأنه المساهمة في خدمة أهله والارتقاء بالمكان، فلقد أنتخب عام 1909م عضواً في مجلس بلدية الكرك، وقد منحته هذه المهمة خبرة كبيرة، وجعلته على صلة أكبر بأهل الكرك ضمن النطاق الأوسع، وهي خبرة وظفها عملياً عندما خدم في الحكومة المحلية، ولعل هذه المهام المبكرة مكنته من صقل تجاربه، ومساعدته بالإضافة لتربيته العملية على تحمل أعباء المرحلة المقبلة، عندما توفي والده وكان عليه التقدم للقيادة وتحمل المسؤولية، فكان على قدر الثقة، محباً ومحبوباً، نذر نفسه للخدمة العامة دون التفكير بالمقابل.
كان حضور سلامة المعايطة قوياً وفاعلاً على الساحة الوطنية، وفي الكرك ونواحيها بشكل خاص، وكان مقدراً داخل منطقته وخارجها، وكانت له مكانة خاصة لدى الأمير عبدالله ، حتى أنعم عليه بعد تأسيس الأمارة بلقب أمير لواء فخري عام 1921م، تقديراً لجهوده المتواصلة، ومكانته الطيبة بين أهله ونظرائه شيوخ العشائر الأردنية، وجاء هذا التكريم في مفتتح عهد الدولة الأردنية الحديثة، مقدماً دلالاته الخاصة والتي تؤشر على جهود رجل لم يسعى إلى الزعامة أو الشهرة، إنما وصل إليها من خلال إرث عبر سنوات طويلة، وعمل للخير ومن أجل مساعدة كل محتاج، حاله حال رجالات هذا البلد من الرعيل الأول ومن جاء بعده، وهو دأب الأردنيين منذ فجر النهضة العربية الحديثة.
بعد مسيرة طويلة من العمل، توفي الشيخ سلامة المعايطة عام 1944م، تاركاً طيب الأثر، محبة انغرست في قلوب الناس وذاكرتهم، مخلفاً ثمانية أبناء علمهم حب العمل والانتماء، فانخرط جلهم في العمل العام والقوات المسلحة الأردنية، فكان رجلاً يشار له بالبنان أثناء حياته، وتحفظه الذاكرة الوطنية بعد وفاته، فهذا الوطن العزيز بني بتراكم الجهود وبالمحبة الخالصة.